الصفحات

القائمة الرئيسية

صلاة التراويح اقتداءً بالتلفاز أو المذياع

صلاة التراويح اقتداءً بالتلفاز أو المذياع

صلاة التراويح اقتداءً بالتلفاز أوالمذياع:

توطئـــــة:

بعد تمديد حالة الحجر الصحي، وتعطيل صلاة الجماعة في البيوت للضرورة الشرعية، زمن كورونا, تدارس العلماء المسلمون نازلة صلاة التراويح خلف التلفاز أو المذياع، واختلفوا في الحكم، ولا ضير في ذلك، فالاختلاف المبني على حجج وأدلة، يعتبر ظاهرة صحية.

اختلاف المذاهب في صحة اقتداء من بخارج المسجد بالإمام .

وقد اختلف علماء السلف في جواز اقتداء من بجوار المسجد، بالإمام إن فصل بينهما طريق، ولم تتصل الصفوف، تبعا لاختلافهم في اشتراط اتصال صفوف المقتدين بالإمام، واشتراط رؤية الإمام،هل هما من شروط الصحة، أو من شروط الكمال؟
        واحتج القائلون بجواز اقتداء من كانوا خارج المسجد  بمن داخله، بحديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي صلى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته".
فإذا كان هذا الأمر بالنسبة للصلاة الفريضة، فالأمر أهون في صلاة النافلة، فقد وسع فيها ما لم يوسع في الفريضة، حيث يجوز الصلاة جلوسا دون علة، وعلى الدابة، وجماعةً كالتراويح، وفرادى كالرواتب وغيرها من النوافل.

المجيزون للصلاة خلف المذياع أو التلفاز وأدلتهم:

قياسا على جواز اتباع من بجوار المسجد للإمام، وعدم اشتراط اتصال الصفوفـ، ورؤية الإمام، أجاز العديد من العلماء أمثال الدكتور أحمد الريسوني،حيث شدد على أن المطلوب هو أننا كلما اقتربنا من الصورة المنقولة، وهي أن تصلى في البيت، ولو بمصحف يقرأ منه من يؤم، يكون الأمر أسلم، ويضيف الدكتور الريسوني، أن من لم يجد من ذلك شيئا، إلا أن يصلي وراء إمام غائب عنه، صلى لأن المقرر عند العلماء أنه (يغتفر في النوافل ما لا يغتفر في الفرائض).
        وكذلك الدكتور الحسين أيت سعيد،  حين استعرض آراء فقهاء المالكية والشافعية، في عدم اشتراط اتصال الصفوف، ومشاهدة الإمام، في صحة الاقتداء في الصلاة.
         مستدلا من الفقه المالكي، بما ورد في المدونة (1/175)، حيث قال الإمام مالك: "ومن صلى في دُور أمام القبلة بصلاة الإمام وهم يسمعون تكبير الإمام، فيصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده، فصلاتهم تامة وإن كانوا بين يدي الإمام...، وقد بلغني أن دارا لآل عمر بن الخطاب، وهي أمام القبلة، كانوا يصلون بصلاة الإمام فيما مضى من الزمان، وما أحب أن يفعله أحد، ومن فعله أجزأه".
و ما ورد في المدونة من قول ابن القاسم: "وسألنا مالكا عن النهر الصغير يكون بين يدي الإمام بين قوم وهم يصلون بصلاة الإمام؟ قال: لا بأس بذلك إذا كان النهر صغيرا، قال: وإذا صلى رجل بقوم، فصلى بصلاة ذلك الرجل قوم آخرون، بينهم وبين ذلك الإمام طريق فلا بأس بذلك".
أما ما استدل به الدكتور من مذهب الشافعية ، فهو ما ورد في الحاوي الكبير(2/343)، حيث قال الشافعي: "وإن صلى رجل في طرف المسجد، والإمام في طرفه، ولم تتصل الصفوف بينه وبينه، أو فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام أجزأه، كذلك صلى أبو هريرة فوق ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد".
        موضحا بأن ما استدل به من نصوص منقولة، لا يصح أن يُفهم منها التعميم على الإطلاق، فلا يجوز الاقتداء لأحد في المشرق أو في أوربا وأمريكا، للفارق الشاسع في أوقات الصلاة، ولا يُتوهم دخول البلدان النائية على الإطلاق.
فتبقى المسألة منحصرة في مكان واحد، يشترك أهله في اتحاد وقت الصلاة، وحتى في البلد الواحد لا تجوز المسألة عند اختلاف الأوقات، فمثلا لا يصح لمن يقطن مراكش أن يقتدي بمن في وجدة لأن الوقت متفاوت بينهما.

        المانعون وأدلتهــــــم:

ورد المانعون ـلجواز صلاة التراويح خلف وسائل الاتصالـ، أمثال الدكتور محمد الروكي، والشيخ السريري الذي رجح بأن الاقتداء لفظ شرعي فقهي، يوجب متابعة الإمام داخل المسجد، أو ما بجوار المسجد. وجواز الاقتداء لمن بجوار المسجد، ثبت بالنقل في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم. مضيفا أنه إذا تقرر هذا فإن صلاة غير المجاور للمسجد لا تجوز. كما أن في إحداث هذا الفعل إحداث هيئة في العبادة، فالعلماء المالكية لما أجازوا اقتداء من بالجوار، اعتمدوا النقل ولم يلتفتوا إلى تحصيل السماع، وإنما اعتمدوا العمل الذي جرى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة.
 كما أن المسألة المختلف فيها من باب العبادات، وهي توقيفية لا اجتهادية، كما قال المانعون.
 والأصل أن يصار إلى المحقق الثابت، ولَأن يصلي المرء ركعتين متفق على صحتهما، أفضل من أن يصلي عشر ركعات مشكوك فيها، فلا يترك متيقن به لمشكوك فيه.
        كانت هذه آراء وأدلة كلا الفريقين، وخلاصة القول كما ختم الدكتور أيت سعيد في توضيحه لما اختاره في هذه المسألة، أن النوافل موسع فيها، فمن صلاها جماعة أو فرادى، أو لم يصلها، فله ذلك، فلا نضيق فيما وسع الله فيه. و المسألة اجتهاد من القائلين بها، فلا ينبغي أن نضيق ذرعا بالمخالف فيها، خاصة إذا تعلقت بنوافل الدين لا بأصوله.
مضيفا أنه كما نحرص على سد الذرائع، يجب أن نحرص على فتحها، وأن لا نجعل الدين كله ذرائع، فالمسألة تخضع للموازنات. وأن الخوض في هذه المسألة، ومثيلاتها تدل على الانفتاح والمرونة، التي يتسم بها الفقه الإسلامي عامة، والمالكي خاصة الذي ينبغي أن يقدم للعالم، وهذا وقت الحاجة إليه يختم الدكتور قوله.

        خلاصــــــــة:

        فمن أراد الاحتياط والخروج من الخلاف صلى في منزله منفردا أو صلى جماعة مع أهله وأولاده، وبذلك يحصل على أجر الجماعة ، ولو كانت القراءة من مصحف، فقد أجاز الإمام مالك في المدونة الإمامة قراءة من المصحف في صلاة النافلة كالتراويح، إلا من لم يجد بدا من الصلاة مع إمام غائب قريب، كما قال المجيزون.
مواضيع تهمك:
أسرار عبادة الشكر
درر من حديث ابن عباس: احفظ الله يحفظك
توجيهات تربوية من خلال حديث احفظ الله يحفظك
دعاء وفضل ليلة القدر
أحكام زكاة الفطر
هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق