الصفحات

القائمة الرئيسية

توجيهات تربوية من خلال حديث احفظ الله يحفظك

توجيهات تربوية من خلال حديث احفظ الله يحفظك

توجيهات تربوية من خلال حديث احفظ الله يحفظك

مفهوم التربية:

 الأصل اللغوي لكلمة التربية، لا يخرج في معناه عن دائرة النمو والزيادة، والتنشئة.
واصطلاحا معناه: تنمية الجوانب اللمختلفة لشخصية الإنسان، عن طريق التعليم والتدريب، والتهذيب، لغرض إعداد الإنسان الصالح لعمارة الأرض، وتحقيق الاستخلاف فيها. وقد اختزل مفهوم التربية للأسف عند كثيرين، في العقاب، كما اختزل العقاب في الضرب. 

الحديث مؤسس لمنهج تربوي، ومقعد لقواعد نظرية تربوية، أثبتت نجاحها تطبيقا، كما يتضمن قواعد كلية، من أهم أمور الدين، وقد اعتنى به العلماء قديما وحديثا، شرحا وتفصيلا، مما يدل على مكانة هذا الحديث، كما اختاره النووي ضمن الأربعين حديثا التي جمعها. وهو يزخر بالتوجيهات التربوية الهامة.

أهمية الحديث :

قال عنه أحد الباحثين المعاصرين: "كثيرا ما استوقفني هذا الحديث النبوي الشريف،...أستلهم منه عبرا تربوية ونفسية، وكلما أعدت قراءته وتفكرت فيه، اكتشفت شيئا جديدا، فأنهل من هذا المعين الصافي، أعب منه عبا، مع أنه مجرد كلمات"

إنه خطاب نبوي للأطفال اليافعين، إنها كلمات معدودة، كلمات مليئة بالإضاءات النفسية، والتوجيهية. جولة متأنية في معاني هذا الحديث، كفيلة باكتشاف فوائد تربوية جليلة:

فقول ابن عباس رضي الله عنه: كنت رديف الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي رواية كنت خلف النبي عليه السلام:

ـ في هذا  المشهد استغلال المناسبة، لإسداء النصح، مع التغيير في مواطنه.
ـ فيه توجيه لاختيار وقت تقديم الرسالة التربوية للطفل.
ـ فيه اهتمام بمخالطة الكبار للأطفال، ومصاحبتهم، كأسلوب للتدريب والتنشئة،
ـ تقدير الصغار، والتقدير حاجة أساسية لنمو الطفل.
ـ تخصيص جلسات تربوية للأبناء.

قوله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام":

ـ فيه تلطف من المربي، بتقريبه منه، مع لفت انتباهه قبل إلقاء المهم من الكلام. 
ـ فيه توجيه تربوي، لأهمية مناداة الطفل بأفضل الأسماء المحببة إليه، لكي يتقبل ما يتضمنه الخطاب. لا كما يقوم به بعض الآباء، بمناداة الطفل، ببعض الألقاب الغلاظ، أو ربما بأسماء حيوانات، وهذا منبئ بعدم امتثال الطفل، لما سيوجه إليه من إرشاد.
ـ فيه خطاب لين محبب للطفل، وليس إصدار أوامر صارمة له، والتي غالبا ما تكون بالنهر والغلظة والشدة، فلا بد من تلطف في الخطاب ،لاستحضار ذهن المتربي، وتهيئة نفسيته للإقبال الكلي على المخاطِب.

قوله صلى الله عليه وسلم، "إني أعلمك كلمات":

فالكلمة هنا بمعنى: القاعدة الثابتة، التي تغنيك عن حفظ الجزئيات، والتفصيلات. كما تعني السنة الإلهية، قال تعالى: "وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم". فالقواعد والسنن، ثابتة لا يعتريها تعديل ولا تغيير ولا إلغاء.

ـ وفي ذلك اهتمام المربي، بعدم الإثقال في النصح، حيث  جعلها صلى الله عليه وسلم، كلمات، بضع كلمات، سهلة في حملها، إلا أنها تشكل دافعا، و مثيرا لمزيد من التعلم، فكأنها محفزات معنوية.
كلاما بسيطا، مجملا، ومركزا، لا أن نلقي على أسماع الابن المتلقي، محاضرة، قد يستثقلها، ولا يستوعب منها شيئا، فضلا عن أن يهتم بما ورد فيها، من توجيهات ونصائح.

قوله عليه الصلاة والسلام، "احفظ الله يحفظك": 

ـ إشارة إلى التربية بالأهداف.
ـ بث التفكير الإيجابي لدى الطفل، بيقينه بحفظ الله، ومعيته له.
ـ تحسيس الطفل، بمسؤوليته بدوام استمرار نعمة الحفظ والأمن، بأدائه لأماناته.

"إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله": 

ـ غرس الاعتداد بالنفس، واستقلال الرأي، لدى المتربي، لأن في التوجه إلى الله بالسؤال، والاستعانة به، تذلل ومسكنة وافتقار، مع اعتراف بقدرة المسؤول على رفع الضر، وجلب النفع، ولا يصح التذلل والافتقار إلا لله سبحانه، فمنتهى الحرية من تمام العبودية لله.

"واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن لصيبك":

ـ فاليقين بذلك، يبعث على الشجاعة في نفس الطفل، حينما يوقن بأن لن يصيبه إلا ما كتب الله له.
ـ وكذلك السيطرة على الانفعالات السلبية، بتوجيه الجانب الوجداني: 
ّ بتوطين النفس بالصبر والرضا، وعدم السخط، يقول ابن القيم: "إن السخط باب الهم والغم".
ّ وبالسيطرة على العواطف السلبية، من غضب وكراهية، وغيرة مفرطة أو حسد، ذلك لأن ما أصاب فبإذن الله. والمراد التحكم في الانفعالات السلبية، وتحويلها إلى إيجابية، لأن سيطرة انفعال ما وبإلحاح على الفرد، حتى يصير عبدا لذلك الانفعال، يعتبر حالة مرضية، كما في حالات الحزن والخوف والغضب.
ـ تقوية الثقة في النفس، بتقوية الثقة في الله سبحانه، فهما متلازمان.

"واعلم أن مع العسر يسرا": 

في هذا القول،غرس فضيلة التفاؤل، وعدم اليأس، بزرع الروح الإيجابية.

هذه كانت بعض  فوائد وعبر، تربوية، ونفسية، تبعث على تحمل المسؤولية، والشجاعة، مع اليقين، والتحرر من العبودية لغير الله سبحانه.

لمزيد الاطلاع :
ـ درر من حديث ابن عباس احفظ الله يحفظك
ـ لذة عبادة المناجاة
هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات