الرطوبات المهبلية هل هي طاهرة أم نجسة؟
تعريف الرطوبة:
جاء في الموسوعة الفقهية بأن الرطوبة لغة هي مصدر رطب، تقول رطب الشيء، إذا ندي وهو خلاف اليابس والجاف، والرطوبة بمعنى البلل والنداوة.
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي للرطوبة عن المعنى اللغوي، فهي إفرازات يومية تراها المرأة في الأحوال العادية، وهي سائل أبيض مخاطي أو حليبي، وتسمى بالطهر، لأن المرأة تراها في أوقات طهرها من الحيض، ولا يقصد بها المني ولا المذي ولا الودي.
وعرفت طبيا بأنها إفرازات طبيعية، تفرزها غدد موجودة في عنق الرحم، أو في الجدار المهبلي، ويطرأ على هذه الإفرازات تغيرات دورية من حيث الكمية، فهي تتأثر بالطمث، وتتأثر بالإباضة، كما تتأثر بالمعاشرة الزوجية. ولهذه الإفرازات وظيفة هامة هي ترطيب سطح المهبل، بالإضافة إلى أنها وسيلة دفاعية، لأنها تعتبر وسطا حامضيا يطرد الجراثيم، ويعتبر وجودها أمرا طبيعيا ضروريا لدى كل النساء بكميات متفاوتة.
أما الإفرازات المرضية، فهي التي تحدث عندما تكون هناك جرثومة أو حالة التهابية في المنطقة التناسلية، فتتبدل صفات هذه المادة من حيث اللون والكمية والرائحة ، وقد تكون مصحوبة بأعراض مرضية أخرى كالحكة والاحمرار.
حكم طهارة رطوبة المرأة :
اختلف الفقهاء في طهارة رطوبة المرأة، هل هي نجسة تستوجب تطهير البدن والثوب منها؟ أم هي طاهرة كسائر إفرازات الجسم من مخاط ولعاب ودمع وعرق؟
القول الأول: وهو القول بنجاسة رطوبة الفرج
وإليه ذهب المالكية (مواهب الجليل للحطاب 1/105)، وهو قول للشافعي(المجموع للشيرازي 2/589).
واستدلوا بالقول بأن كل ما يخرج من السبيلين نجس، يقول الشيرازي في المهذب: "أما رطوبة فرج المرأة فالمنصوص أنها نجسة، لأنها رطوبة متولدة في محل النجاسة، فكانت نجسة، ومن أصحابنا من قال: هي طاهرة كسائر رطوبات البدن".
القول الثاني: وهو طهارة هذه الرطوبة
وإليه ذهب أبو حنيفة، والحنابلة، وهو أحد قولي الشافعي، واختاره النووي من الشافعية.
وميز أبو يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني تلميذا أبي حنيفة، بين حكم المفرزات الداخلية (التي تخرج من عنق الرحم)، والمفردات الخارجية( التي تفرز من الغدد المهبيلية).
واستدل العلماء المتقدمون والمتأخرون على طهارة الرطوبة بما يلي:
1- الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد الدليل، قال صاحب جامع أحكام النساء(21/1)، الأستاذ مصطفى عدوي: "بإمعان النظر في الأدلة في هذا الباب لم نقف على دليل صحيح صريح يدل على أن رطوبة فرج المرأة نجس".
2 - فرك عائشة رضي الله عنها للمني العالق بالثوب بعد جفافه، رغم ضرورة اختلاطه برطوبة الفرج.
3 - أن نزول الإفرازات المهبلية مما تعم به البلوى.
4 - أن الرطوبة ليست مرضا، لأن سطح المهبل كأي سطح مخاطي في الجسم، يجب أن يظل رطبا.
5 - الرطوبة لا تخرج من مجرى البول، بل تفرزها غدد في المهبل، ومنها ما يخرج من داخل عنق الرحم.
6 - الصحابيات كن يصلين خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يقرأ بطوال السور، ولَم يثبت عنهن قطع الصلاة لتجديد الوضوء بسبب خروج الرطوبة.
من فتاوى الأستاذ مصطفى الزرقا (ص 95): "سئلت فيما مضى كثيرا عن السائل اللزج الذي يخرج من المرأة في الحالات العادية...ليس بنجس شرعا، ولا ينقض وضوء المرأة كما يقرره الفقهاء. ومن السائلين من يستغرب هذا الجواب لأنهم متصورون خلافه، كأنما كل ما فيه تيسير ودفع للحرج والمشقة يراه الناس غريبا، حتى كان معنى الشريعة لا يتحقق إلا في الإرهاق والمشقة".
والراجح والله أعلم، ما ذهب إليه جمهور العلماء، وهو طهارة رطوبة فرج المرأة، لانعدام الدليل الصريح في نجاسة هذه الرطوبة، ولا يمكن أن يقال: كل ما خرج من السبيلين نجس، ولذلك فإن هذه الإفرزات نجسة، وذلك لعدة أسباب:
منها أن هذه الرطوب لا تخرج من أحد السبيلين، وإنما تخرج من موضع الحرث والنسل.
ومنها أن مسألة نجاسة أي شيء يخرج من أحد السبيلين، ليس مطردا، بدليل قول بعض العلماء بطهارة المني.
أما تمييز تلميذي أبي حنيفة بين طهارة الإفرازات الخارجية والداخلية، فلا يقوم على دليل، إذ أن المرأة نفسها لا تستطيع التمييز بين هذه المفردات، لاختلاطها وخروجها من نفس المخرج.
المراجــع:
المجموع للشيرازي
مواهب الجليل للحطاب
جامع أحكام النساء لمصطفى عدوي
فتاوى مصطفى الزرقا
مشاركات من مدونة "فقه المرأة":
هل الرطوبات المهبلية ناقضة للوضوء؟
أحكام دم الحيض
أحكام دم النفاس
إمامة المرأة للنساء
المراجــع:
المجموع للشيرازي
مواهب الجليل للحطاب
جامع أحكام النساء لمصطفى عدوي
فتاوى مصطفى الزرقا
مشاركات من مدونة "فقه المرأة":
هل الرطوبات المهبلية ناقضة للوضوء؟
أحكام دم الحيض
أحكام دم النفاس
إمامة المرأة للنساء
تعليقات
إرسال تعليق