ما هو البيع الإيجاري؟
أسماء عقد البيع الإيجاري:
لهذا العقد أسماء متعددة، أكثرها تداولاً في الأبحاث
الفقهية المعاصرة[1]:
ـ الإجارة المنتهية بالتمليك: أو التأجير
المنتهي بالتمليك، أو الإجارة التمليكية، وهي عبارات بمعنىً واحد، تطلق على البيع
الإيجاري، وهي أشهر الألفاظ التي تطلق على هذه المعاملة.
ـ الإيجار الساتر للبيع: يطلق على هذه المعاملة الإيجار الساتر للبيع، لأن حقيقته في بداية ظهوره
التحايل؛ بحيث يجعل البائع هذا العقد إيجاراً ليخفي صورته الحقيقية، وهي البيع،
وهو معنى: البيع الإيجاري، أو الإيجار البيعي، أو الإيجار الذي ينقلب بيعاً.
ـ الإجارة التمويلية: وتسمى الإجارة الائتمانية، أو التموين الإيجاري، أو عقد
الليزينج Leazing، أو عقد تمويل المشروعات، أو عقد هبة بناءً على وعد
سابق.
ـ الإجارة المنتهية بالتخيير: يطلق هذا الاسم على إحدى صور الإجارة المنتهية بالتمليك،
وهي التي يكون فيها الخيار للمستأجر في نهاية المدة بين عدة أمور، إما شراء العين،
أو مد مدة الإجارة، أو رد العين.
ـ الإجارة المنتهية بالبيع التدريجي للعين المستأجَرة: ويطلق هذا
اللفظ على إحدى صور الإجارة المنتهية بالتمليك، وذلك بأن يتفق المَصرِف المؤجِّر
"مع العميل"، بأن يقوم هذا الأخير بشراء نسبة 50%، مثلاً ـ من الشيء المستأجَر الذي يملكه المصرف؛ بمبلغ نقدي أو
مؤجل عن طريق المرابحة، ثم يؤجر المصرف ما يملكه العميل "المستأجِر"، مع
بيع تدريجي لحصة المصرف، إلى أن ينتهي العقد بتمليك العميل كامل العين المستأجَرة،
أي أنه في كل مدة يدفع المستأجِر أجرة العين ناقصاً منها الأسهم التي يمتلكها،
فإذا دفع كامل الأسهم صار مالكا .
ـ الإجارة المالية: يطلِق بعضهم على البيع الإجاري: الإجارة المالية، من باب
إطلاق الكل على البعض، والإجارة المالية هي اصطلاح اقتصادي معاصر لعقد الإجارة،
يبرز فيها جانب التمويل، والنواحي الائتمانية.
وما زالت الأسماء والألفاظ تتعدد وتتتجدد، متى ما توافرت
البيئة المحفزة للابتكارات المالية.
فأول ما أُطلق على
هذا العقد من أسماء كما قال الدكتور بن بية: "إيجار بيعي لأنه اسم مركب من
كلمتين، وقد تطور هذا العقد وتعددت الأسماء طبقاً لهذا التطور، فقد كان أولاً يعرف
باسم البيع بالتقسيط والاحتفاظ بالملكية حتى استيفاء الثمن، ثم تطور إلى إيجار
ساتر للبيع، ثم تطور إلى ما سموه بالإيجار المقترن بوعد بالبيع، وهذه الأسماء التي
كان موضوعها في الأصل متحداً، إلا أنها ليست اعتباطياً وليست من باب المترادفات
التي لا تخدم أي غرض، بل تعدد الأسماء... ناشئ عن تدرج نظرة المشرع لهذا العقد، في
محاولة لترجمة الهدف الذي يرمي إليه، والمصلحة التي يحرص على حمايتها وهي مصلحة
البائع"[2].
تعريف البيع الإيجاري :
إن عقد البيع الإيجاري يعد من العقود المعاصرة التي ظهر
التعامل بها حديثاً، وكتبت فيها بحوث وحررت فيها فتاوى، لبيان حكمها الشرعي من قبل
الباحثين والهيئات العلمية، والمجامع الفقهية.
نجد كثيرا من
الباحثين في هذه المسألة المستجدة، يعتني ببيان صورها وتكييفها الفقهي، دون التركيز
على تعريف فقهي جامع مانع يوضح المسألة.
وللوقوف على ماهية هذا العقد، سنورد
تعريفات مختلفة لبعض الفقهاء المعاصرين الذين تناولوا هذه المعاملة بالدرس، ومن
خلال هذه التعريفات، ستتضح لنا بحول الله، أهم الخصائص التي تميز عقد البيع
الإيجاري عن غيره من العقود.
ومن هذه التعريفات:
ـ تعريف خالد الحافي، حيث قال في تعريف هذا العقد
بأنه:
"عقد بين طرفين يؤجر فيه أحدهما لآخر
سلعةً معينةً، مقابل أجرة معينة، يدفعها المستأجر على أقساط خلال مدة محددة ،
تنتقل بعدها ملكية السلعة للمستأجر عند سـداده لآخر قسط بعقد جديد"[3].
ـ وعرفه
فهد بن علي الحسون بقوله:
"تمليك منفعة من عين معلومة مدةً معلومةً،
يتبعه تمليك العين على صفة مخصوصة بعوض معلوم"[4].
فقوله: "تمليك منفعة من عين معلومة مدة
معلومة"، هذا ما يعني عقد الإجارة.
وقوله: "يتبعه تمليك العين على صفة
مخصوصة بعوض معلوم" يعني البيع.
ـ تعريف الدكتور القرة داغي بقوله: "أن يتفق الطرفان على
إجارة شيء لمدة معينة بأجرة معلومة ـ قد تزيد على أجرة المثل ـ على أن تنتهي
بتمليك العين المؤجرة للمستأجر"[5].
ـ تعريف الدكتور وهبة الزحيلي بقوله أن البيع الإيجاري هو:
" تمليك منفعة بعض الأعيان كالدور والمعدات، مدة معينة من الزمن، بأجر معلومة
تزيد عادة على أجرة المثل، على أن يملك المؤجر العين المؤجرة للمستأجر، بناءً على
وعد سابق بتمليكها في نهاية المدة أو في أثنائها بعد سداد جميع مستحقات الأجرة أو
أقساطها، وذلك بعقد جديد، أي أن يتم تمليكها بعقد مستقل، وهو إما هبة، وإما بيع
بثمن حقيقي، أو رمزي"[6].
ـ تعريف الدكتور الشاذلي: "بأنه تمليك المنفعة ثم تمليك
العين نفسها في آخر المدة"[7].
ـ تعريف الدكتور محمد الروكي بأنه: "هو عقد مركب من عقدين
يكون أحد العاقدين مؤجراً بائعاً والآخر مستأجراً شارياً"[8].
ـ تعريف الدكتور رفيق المصري بأنه:"في حقيقته بيع بالتقسيط
مع الاحتفاظ بالملكية"[9].
ـ وعُرف البيع الإيجاري في كتاب البنوك الإسلامية بأنه: "
المصطلح الذي يغطي شكلاَ مميزاً لتأجير العقارات والتجهيزات الصناعية والتجارية،
ويقوم هذا العقد على فكرة تمويل الزبون من أجل الحصول على ما يريده، يقتنيه الممول
ويؤجره له، مع إمكانية تمليكه له إذا طلب ذلك، سواء خلال مدة الإجارة أو عند
نهايتها"[10].
تعريف البيع الإيجاري في القانون الوضعي:
ـ عرفته مدونة التجارة المغربية بأنه: "كل عملية لكراء
السلع التجهيزية أو المعدات أو الآلات التي تمكن المكتري، كيفما كان تكييف تلك
العمليات، من أن يمتلك في تاريخ يحدده مع المالك لكل أو بعض السلع المكتراة، لقاء
ثمن متفق عليه يراعى فيه جزء على الأقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء"[11].
ـ
عرفه الدكتور توفيق حسن فرج بأنه عقد يصفه المتعاقدان بأنه إيجار، ويتفقان على أن
يقوم المستأجر في هذه الحالة بدفع أجرة لمدة معينة ينقلب العقد بعدها بيعاً،
وتعتبر الأجرة التي دفعت على أقساط ثمناً للبيع[12].
ـ وعرفه الدكتور جاك الحكيم بأنه عقد إيجار
مقرون بوعد بالبيع، يقوم بموجبه أحد المتعاقدين بإيجار شيء إلى آخر لمدة معينة
يكون للمستأجر عند انقضائها خيار شرائها بسعر معين[13].
بما أن العقد
مركب، يجمع بين الإجارة والبيع، فمن البدهي أن لا يبتعد الفقهاء ـ فقهاء الشريعة
والقانون الوضعي ـ في تعريفاتهم عن عمليتي البيع والإيجار، لأنهما المحور الأساس
الذي تدور حوله عملية الإيجار المنتهي بالتمليك،
ويبقى اختلافهم في تغليب إحداهما على الأخرى.
والملاحظ على هذه التعريفات:
ـ أنها وصفية اعتمدت الإطالة في التعبير مما جعلها تبعد
عن خصائص التعريفات والحدود.
ـ أنها لا تشمل جميع صور البيع الإيجاري، حيث أغفل بعضها
جزئيات لها الأثر في الخلاف الفقهي الدائر حول هذه المعاملة. كما سنرى في صور هذا
العقد بحول الله.
ـ أن بعضهم عرف البيع الإيجاري حسب الصيغة المقترحة له
ليكون شرعياً، ولم يستوعب التعريف جميع الصور المطبقة في الواقع.
خلاصة القول إن هذه المعاملة المالية، أشبه ما تكون بنوع
خاص من عقود البيع، إذ هي بيع موقوف الأثر، والأثر الموقوف هنا هو نقل الملكية،
وذلك إلى غاية تسديد كامل المبلغ مع التزام البائع بتحقيق الآثار الأخرى من تسليم،
فالمشتري يتسلم المبيع لكن بوصفه مستأجراً.
إذن فالبيع
الإيجاري في حقيقته، يتم في صورة اتفاق يلجأ الطرفان من خلاله إلى عقد الإيجار،
ليخفيان فيه عقد البيع، ويظهر من خلاله العقد على أنه عقد إيجار عادي، يتقمص فيه
البائع دور المؤجر، بالمقابل يظهر المشتري في صورة المستأجر، وعند انتهاء المشتري (المستأجِر)
من سداد الأقساط، يتملك المبيع تلقائياً، وبأثر رجعي يعود إلى يوم إبرام العقد في
بعض صور هذا العقد. أو تنفيذاً للوعد بالتمليك إما هبةً، أو بيعاً بثمن رمزي أو
حقيقي، في صور أخرى، كما سنرى بحول الله عند حديثنا عن صور البيع الإيجاري.
ولعل أقرب تعريف
لماهية هذا العقد هو تعريف الدكتور علي الشاذلي وهو: "تمليك المنفعة ثم تمليك
العين نفسها في آخر المدة"[14]،
فـ"تمليك المنفعة" هو معنى الإيجار، وقوله:"ثم تمليك العين نفسها
في آخر المدة" أي تمليك العين المؤجرة بعد انتهاء مدة الإجارة وسداد الأقساط،
إما تلقائيا، أو بوعد بالهبة، أو بالبيع بثمن حقيقي أو رمزي.
مشاركات من مدونة "فقه
المرأة":
[4] الإجارة المنتهية بالتمليك في الفقه الإسلامي.
فهد بن علي الحسون:14. مكتبة المشكاة الإسلامية 1426هـ.
[5] الإجارة وتطبيقاتها المعاصرة للقرة داغي ضمن بحوث مجلة مجمع الفقه الإسلامي
العدد الثاني عشر، ج1/ص477.
[10] البنوك الإسلامية، التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق للدكتورة عائشة
الشرقاوي المالقي: 506. ط.1./2000.
تعليقات
إرسال تعليق