زيادة الثمن مقابل الأجل في بيع التقسيط:
آراء الفقهاء وأدلتهم:
بيع الأجل إما أن يكون بسعر واحد محدد، قد يسدده المشتري نقداً في الحال، وقد
يتأخر في سداده. فيكون البيع قد تَم بسعر واحد، عُجل الأداء أو أُجل، وهو صورة من
البيع بالتقسيط الجائز، ولا شبهة فيه.
وإما أن يكون له سعران: سعر معجل الأداء، فإذا تم به فكالأول، وسعر ثاني أكثر
من الأول، وهو مؤجل الأداء، ومثالها أن يقول فيها البائع للمشتري عند الشراء، هذه
السلعة ثمنها حالاً بكذا، ومؤجلاً إلى ستة أشهر أو أكثر، بثمن أعلى.
وردت النصوص الشرعية بجواز تأجيل الثمن، إلا أنه
لم يرد فيها نص صريح الدلالة، على جواز زيادة الثمن من أجل الأجل.
ولذلك اختلف الفقهاء في حكم زيادة الثمن مقابل الأجل في بيع التقسيط:
ـ الرأي الأول: ذهب إلى جواز الزيادة في
الثمن مقابل الأجل، جمهور العلماء، من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، ومن
المعاصرين الشيخ ابن باز والعثيمين وأحمد السالوس ورفيق المصري.
ـ الرأي الثاني: ذهب إلى تحريم الزيادة في الثمن مقابل
التقسيط والأجل، وهو رأي بعض الشافعية ورواية للحنابلة، وهو قول أبي بكر الجصاص من
الحنفية، ونقله الشوكاني عن زين العابدين علي بن الحسن، ومن المعاصرين: الشيخ ناصر
الدين الألباني وتلميذه عبد الرحمن عبد الخالق.
أدلة المجيزين لزيادة الثمن مقابل الأجل:
استدل جمهور الفقهاء على جواز زيادة الثمن مقابل الأجل، بالكتاب والسنة،
والإجماع والقياس والعرف والمعقول.
ـ دليلهم من القرآن الكريم:
استدلوا بعموم قوله تعالى:
"وأحل الله البيع وحرم الربا"، وهو نص عام يدل على مشروعية البيع مطلقا،
بحيث يشمل جميع أنواع البيوع، سواء كان فيها الثمن مؤجلاً أو معجلاً.
وبيع السلعة بأكثر من ثمنها نسيئة، نوع من أنواع البيوع، فتشمله الآية
بعمومها، لأن الأصل في الشرع، أنه أحل جميع المعاملات، إلا ما قام الدليل على
منعه، أي الأنواع التي ورد نص بتحريمها، فإنها تصبح حراماً بالنص مستثناة من
العموم، ولم يرد نص يقضي بتحريم جعل ثمنين للسلعة، أحدهما معجل والآخر مؤجل، فتكون
حلالاً أخذاً من عموم الآية: "إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم"، وتكون
الزيادة في الثمن مقابل الأجل، داخلة في عموم النص، لأن اللجوء إلى البيع نسيئةً
لابد أن تكون له منفعة، وتلك المنفعة داخلة في باب التجارة وليست داخلة في باب
الربا، فالثمَن في البيع الآجل هو للسلعة مراعى فيه الأجل، وهو من التجارة، إلا أن
بيع السلعة بثمن مؤجل مع الزيادة مما تنتظمه هذه الآية أيضا، لأن هذه المعاملة، من
المداينات الجائزة فتكون مشروعةً بعموم نص الآية.
دليلهم من السنة النبوية الشريفة:
ـ ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أن النبي صلى
الله عليه وسلم أن يجهز جيشاً، فنفدت الإبل، فكان يأخذ البعير بالبعيرين من إبل الصدقة إلى
أجل.
ووجه الدلالة عندهم أن عبد الله اشترى البعير بالبعيرين لأجل، ولم ينكر عليه صلى
الله عليه وسلم ذلك، وهو دليل على جواز زيادة الثمن المقسط أو المؤجل، عن الثمن الحاضر، نظير
الأجل.
ـ وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير، جاء ناس منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا نبي الله إنك أمرت بإخراجنا ولنا على الناس ديون لم تحل؟ فقال
عليه الصلاة والسلام: "ضعوا وتعجلوا").
ووجه الدلالة في الحديث أنه لو بيع شيء ما بالنسيئة، واضطر المشتري للسداد قبل
الاستحقاق، يجوز تخفيض الثمن، بمقدار يتكافأ مع المدة التي تفصل بين تاريخ السداد
الفعلي عن تاريخ الاستحقاق، فإذا جاء التخفيض لقاء التعجيل، فلابد من جواز الزيادة
لقاء التأجيل.
ـ دليلهم من الأثر:
روي عن ابن المسيب: "لا ربا في الحيوان: البعير بالبعيرين والشاة
بالشاتين إلى أجل".
ومن الآثار الدالة على
جواز زيادة الثمن المؤجل عن الحال، ما نقله أبو زهرة عن كتاب الروض النضير أن زيدا
ابن علي سئل: " عن رجل اشترى سلعةً إلى أجل، ثم باعها مرابحة، والمشتري لا
يعلم أنه اشتراها إلى أجل ثم علم بعد ذلك؟ فقال: هو بالخيار إن شاء أخذ وإن شاء
رده".
وقد عقب على هذا القول، بأنه يفيد حكماً بالنص وآخر بالالتزام حين قال:
"أما الحكم الذي استٌفيد بالنص، فهو أن عدم ذكر الأجل في المرابحة، إذا كان
البائع قد اشترى إلى أجل، يعد خيانةً في المرابحة، وهي خيانة لا يمكن تقديرها
كالخيانة في الزيادة بالثمن، وأن الحكم في هذه الحالة، هو أن المشتري بالخيار بين
إمضاء العقد وبين فسخه، والحكم الالتزامي هو: أنه يجوز أن يكون الثمن المؤجل أكثر
من الثمن المعجل، ويتبين ذلك من خلال أن ترك ذكر البائع للأجل في المرابحة خيانة،
لأن شأن التجارة أن يكون الثمن العاجل أقل من الثمن الآجل، وترك ذكر الأجل والبيع
بثمن عاجل غش، لأنه لم يبين ما استفاده من التأجيل، والربح مع هذا التأجيل يكون
على غير أساس سليم" .
دليلهم من الإجماع:
إن البيع بالتقسيط والزيادة في الثمن المؤجل غير منهي عنه، فالمسلمون دأبوا
على استعمال مثل هذه المعاملة المالية، وهو كالإجماع منهم على جوازها.
دليلهم من القياس:
ـ أن البيع إلى أجل مع زيادة الثمَن، هو بيع بثمن معلومٍ من المتبايعين
بتراضيهما، فوجب الحكم بصحة هذا البيع .
ـ القياس على بيع السلَم، ولا خلاف في مشروعية السلم، لما روي عنه صلى الله
عليه وسلم أنه قال: "من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم".
والبيع بثمن مقسط أو مؤجل عكس صورة السلم، لكنه من جنسه، ففي السلم، يدفع المشتري الثمن،
ليتسلم المبيع بعد أجل محدد، وفي البيع بالتقسيط المدفوع هو السلعة، والمؤجل هو
الثمن، ثمن السلعة في السلم، يكون أقل من ثمن السلعة المسلمة حال العقد غالباً،
وهنا يكون الثمن المؤجل أو مجموع الأقساط، أكثر من الثمن المعجل حال العقد.
ـ القياس على الوضع في الدين مقابل التعجيل، لأن وضع جزء من الدين أو الإبراء
عن بعض الأجل الساقط جائز بالسنة، فيما رواه ابن عباس أن النبي صلى
الله عليه وسلم لما أمر بإخراج بني النضير جاءه ناس منهم، فقالوا: يا رسول الله: إنك أمرت
بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل فقال صلى الله عليه وسلم: "ضعوا وتعجلوا".
وجه الدلالة أن جواز الوضع في الدين مقابل لإبراء الأجل، فكان زيادة الثمن عند
تأجيله عن السعر الحالي جائز سواءً بسواء.
ـ القياس على بيع المرابحة، فإذا كان الأجل معلوما في البيع بأجل صح البيع ولا
شيء فيه، لأنه من قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع الجائزة شرعاً، التي
يجوز فيها الزيادة في السعر في مقابل الأجل، لأن الأجل وإن لم يكن مالاً حقيقةً،
إلا أنه في باب المرابحة احتراز عن شبهة الخيانة، بشرط أن لا تكون الزيادة فاحشة،
وإلا كانت أكلا لأموال الناس بالباطل.
دليلهم من المعقول:
ـ دليل المجيزين لزيادة الثمن لأجل التقسيط، هو أن الحاجة ماسة إلى البيع
بالأجل وإلى تقسيط الثمن، رفقاً بأصحاب الحاجات ممن لا يتوافر معهم السداد المعجل،
لسد حاجات الحياة المتعددة، لاسيما مع التوسع الاستهلاكي السائد في عالم اليوم،
وقلة أو انعدام توفر جهات للقرض الحسن، الأمر الذي يستدعي وجود بدائل لسد حاجات
الناس خشية الوقوع في الربا.
ـ لأن للأجل حصة من الثمن، ولهذا تزاد قيمة ما يباع بثمن مؤجل على ما يباع
بثمن معجل، فما دام البائع قد حدد الثمن وعينه لمن يشتري بثمن حال، وحدد الثمن
وعينه لمن يشتري بثمن مؤجل، وقد اختار المشتري الشراء بأحد الثمنين، فالبيع صحيح
شرعاً ولا شبهة للربا فيه.
فالزيادة التي تضاف على الأقساط، هي حصة الأجل من الثمن، وهي الفرق بين ثمن
السلعة إذا بيعت بثمن حال، وقيمتها إذا بيعت بثمن مؤجل، والشريعة الإسلامية شريعة
معانٍ وحقائق لا شريعة ألفاظ وأسماء.
ـ أن الأصل في الأشياء والعقود والشروط عند الفقهاء الإباحة، متى كانت برضى
المتعاقدين، ولا يحرم منها ولا يبطل إلا ما دل الشرع على تحريمه؛ أو تقييده ؛أو
تخصيصه بنص أو قياس، ولما لم يرد دليل قطعي الثبوت والدلالة على تحريم البيع
بالتقسيط مع الزيادة للأجل، فيبقى على الأصل وهو الإباحة، ومن ادعى ذلك فعليه
الدليل، بل قد ورد في الكتاب والسنة، الأمر بالوفاء بالعهود والشروط والمواثيق
والعقود، والنهي عن الغرر ونقض العهود، وإذا كان جنس الوفاء ورعاية العهد مأموراً
به، علم أن الأصل صحة العقود والشروط، إذ لا معنى للصحيح، إلا ما ترتب عليه أثره
وحصل به مقصوده، ومقصود العقد هو الوفاء به، فإذا كان الشارع قد أمر بمقصود
العقود، فقد دل ذلك على أن الأصل فيها الصحة والإباحة.
أدلة القائلين بتحريم زيادة الثمن مقابل الأجل:
أدلتهم من القرآن الكريم:
ـ عموم قوله تعالى: "وحرم الربا"، فإنه يدل على تحريم كل زيادة بغير
عوض إلا ما خصه الدليل، وزيادة الثمن المؤجل عن الثمن الحال، زيادة من غير عوض في
عقد معاوضة فهي ربا، لأنها إنما كانت مقابل الأجل لا غير، فدخلت في ربا النسيئة.
والآية تفيد تحريم البيوع التي تؤخذ فيها زيادة مقابل الأجل؛ لدخولها في عموم
كلمة الربا.
ـ واستدلوا أيضاً بقوله تعالى: "ياأيها الذين آمنوا لا تاكلوا أموالكم
بينكم بالباطل، إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم".
فقد جعلت الآية الرضا شرطاً لحِل الكسب والربح في المبادلات التجارية، وإلا
كان ذلك الكسب حراماً وأكلاً لأموال الناس بالباطل. وعامل الرضا غير متوفر في
البيع بالتقسيط، لأن البائع مضطر للإقدام عليه ترويجاً للسلعة، والمشتري مضطر له
رغبة في الحصول على السلعة التي تمس حاجته إليها، ولا يملك ثمنها حالاً، فيرغم على
دفع الزيادة مقابل الأجل.
ـ أدلتهم من السنة النبوية الشريفة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنهما، عن "صفقتين في صفقة"، وقد
روى أحمد عن سماك في تفسير حديث النهي عن صفقتين في صفقة، قوله: "هو الرجل
يبيع الرجل فيقول: هو بنساء كذا وهو بنقد كذا وكذا".
وقد علق الشوكاني على ذلك بقوله: "وفي هذا التفسير متمسك لمن قال: يحرم
بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء". وهو المقصود ببيع التقسيط
والزيادة في الثمن لأجل التقسيط.
وقال أيضا: "متمسكهم ـ أي المانعين الزيادة للأجل ـ رواية "فله
أوكسهما أو الربا" قال: وقد عرفتَ مافي روايه من المقال، ومع ذلك فالمشهور عن
أبي هريرة رضي الله عنه اللفظ الذي رواه غيره، وهو النهي عن بيعتينن ولا حجة فيه
على المطلوب".
ونقل البيهقي عن عطاء قوله: "هو أن يقول هذا لك بعشرة نقداً، وبعشرين
نسيئة، ففيه جهالة وغرر، لعدم معرفة الثمن"، وهذا هو معنى بيع التقسيط، فدل
هذا على أن زيادة سعر التقسيط عن السعر الحالي غير جائز.
ـ كما استدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة رضي
الله عنه: "من باع بيعتين فله أوكسهما أو الربا". ومعناه أن من باع بأخذ
زيادة مقابل الأجل، يكون قد تعامل بالربا المحرم إذا لم يأخذ الثمن الأقل.
وهذا يعني أنه لا يجوز للبائع أن يبيع سلعته بأكثر من السعر الحال تجنباً
للوقوع في ربا النسيئة.
وقالوا بأن الحديثين ـ
حديث ابن مسعود وحديث أبي هريرة ـ قد دلا على أن الزيادة لأجل النساء ممنوعة،
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فله أوكسهما أو الربا"، أي أنه
لا يستحق إلا الثمن الأقل، فإن أخذ الزيادة كان مرابياً، وهذا يدل كما يقول أصحاب
هذا الرأي على تحريم الزيادة مقابل الأجل في البيع بالتقسيط.
ـ كما استدلوا بما روي عن علي كرم الله وجهه، أنه قال: "نهى رسول الله صلى
الله عليه وسلم عن بيع المضطر وبيع الغرر، وبيع الثمرة قبل أن تدرك".
ووجه الدلالة أن بيع
المضطر يشمل بيع التقسيط، لأنه لا يقبل بالزيادة لأجل المدة إلا المضطر في الغالب،
ويؤيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن تراضٍ"،
وهو يفيد أن البيع الجائز شرعاً ما توفر فيه عنصر الرضا من المتعاقدين، ولا رضا مع
الاضطرار والإكراه، فيكون البيع باطلاً. فكل من البائع بأجل، والمشتري بزيادة إلى
أجل كلاهما مضطر لهذا النوع من البيع، ولا يصدق عليهما قوله سبحانه: "إلا أن
تكون تجارة عن تراض منكم"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما البيع عن
تراض".
ـ واستدلوا من الحديث أيضاً بما رواه عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنه
قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في
البيع".
واعتمدوا على ما أورده
بعض علماء الحديث، من بيان للمراد من سلف وبيع، وشرطان في بيع، كما سلف الذكر.
أما سلف وبيع، فمعناه عند المانعين، أن يريد الشخص شراء سلعة بأكثر من ثمنها
لأجل النساء، وعندهم أن ذلك لا يجوز، فيحتال بأن يستقرض الثمن من البائع ليعجله
إليه حيلة.
أما شرطان في بيع، فقد قال صاحب المنتقى في بيان معناه: أنه بيع سلعة نقداً
بثمن وبأكثر منه نسيئةً. وبمثله فسره النسائي وصاحب نيل الأوطار.
وكذلك فسره السرخسي حين
قال: "وصِفة الشرطين في بيع أن يقول: بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا". يقول
الدكتور رفيق يونس المصري: "وظاهر مما تقدم عن صاحب المبسوط، أن العلة في عدم
الجواز في الصورتين ـ بيع وسلف وشرطان في بيع ـ عند الأحناف هي الربا، لأنه في
صورة شرطان في بيع، جعل الأجل في الثمن سبباً للزيادة فيه صراحة، فهي زيادة في
الدين بغير عوض، وهي معنى الربا. وفي صورة بيع وسلف، يحتال على الربا في القرض،
فيبيع شيئاً مع المحاباة في ثمنه بمقابل القرض. ولا شك عندي في أن هذا هو روح
الشريعة الإسلامية، وهو الغاية من تحريم الربا في الإسلام، لأن الزيادة في الثمن
مقابل الأجل في التقسيط، أي مقابل استغلال حاجة المشتري الضعيف، بينما الإسلام دين
الرحمة والإخاء والتعاون، يقول سبحانه وتعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى
ميسرة". وإذا لم يتعادل سعر النقد والتقسيط، فقد ذهبت عدالة التوزيع ولم
يستطع ذو الدخل الصغير أن ينال حظه من الرفاهية".
أدلتهم من القياس:
القياس على وضع الدين مقابل تعجيل دفعه ـ عند من يحرمونه ـ إذ لا فرق بين
إنقاص الدين مقابل إنقاص المدة، وبين زيادة الثمن مقابل زيادة المدة. فلا فرق بين
تسديد الدين أو الزيادة فيه نظير الأجل، وبين البيع بزيادة في الثمن مقابل
التأجيل، فالمعنى فيهما معاً، أن الأجل له عوض وهو بمعنى الربا.
وبيان ذلك كما قال أبو بكر الجصاص: (أنه لو كان لرجل على آخر ألف درهم دين
مؤجل، فصالحه منها على خمسمائة حالة، فلا يجوز لما روي عن ابن عمر أنه سئل عن
الرجل يكون له على الرجل الدين إلى أجل فيقول له: عجل لي وأضع عنك فقال: هو ربا.
وروي عن زيد بن ثابت أيضاً النهي عن ذلك، وهو قول سعيد بن جبير والشعبي والحكم،
وقول أصحابنا وعامة الفقهاء. ومما يدل على بطلانه تسمية ابن عمر إياه رباً، وأسماء
الشرع توقيف. ولأنه معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضاً مؤجلاً بزيادة مشروطة،
فكانت الزيادة بدلاً من الأجل فأبطله الله تبارك وتعالى وحرمه، وقال: "وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم"، وقال تعالى: "وذروا
ما بقي من الربا"، وحظر أن يؤخذ للأجل عوض، فإذا كانت
عليه ألف درهم مؤجلة فوضع عنه على أن يعجله، فإنما جعل الحط مقابل الأجل فكان هذا
هو معنى الربا الذي نص الله على تحريمه).
مما
تقدم عرضه وبيانه، يتضح لنا أن عمدة أدلة المانعين للزيادة مقابل التقسيط، هو
اعتبار هذه المعاملة ضرباً من الربا المحرم، وتعليلهم لذلك هو أن الزيادة في الثمن
هي في مقابل الأجل، والأجل ليس بالشيء الذي يستحق عوضاً، فتكون زيادة بلا عوض وهو
عين الربا الذي نهت الأدلة النصية عنه.
ينا لقاء آخر، في موعد
متجدد بحول الله وقوته، مع مناقشة علماء الشريعة، لأدلة الفريقين.
أهم المراجـــع:
نيل الأوطار للشوكاني
المنتقى للباجي
بداية المجتهد لابن رشد
إعلام الموقعين لابن قيم
الجوزية
بيع التقسيط تحليل فقهي
اقتصادي لرفيق يونس المصري
القول الفصل في بيوع
الآجال لعبد الرحمن عبد الخالق
للاطلاع على مزيد مشاركات مدزنة "فقه
المرأة":
شروط بيع التقسيط
إمامة المرأة للنساء في
الصلاة
القراءة من المصحف في
الصلاة
تعليقات
إرسال تعليق