الصفحات

القائمة الرئيسية

قصة حاتم الأصم مع أستاذه شقيق البلخي

قصة حاتم الأصم مع أستاذه شقيق البلخي

قصة حاتم الأصم مع أستاذه شقيق البلخي

تعريف مقتضب:

حاتم الأصم هو أبو عبد الرحمان صاحب المواعظ والحكم، كان يقال له لقمان هذه الأمة، كما نقل الذهبي في كتابه العبر، وسبب تسميته بالأصم، كما قال الخطيب البغدادي وأورده ابن القيم في "مدارج السالكين"، أنه جاءت امرأة فسألت حاتما عن مسألة، فاتفق أن خرج منها صوت فخجلت، فقال حاتم: ارفعي صوتك، وأرى من نفسه أنه أصم، فسُرت المرأة لذلك، واعتقدت أنه لم يسمع الصوت، فغلب عليه اسم الأصم.
أما أستاذه فهو أبو علي شقيق بن ابراهيم، الأزدي البلخي -نسبة لبلخ بلدة بإيران- أحد علماء أهل السنة في القرن الثاني الهجري، صحب ابراهيم بن أدهم العالم العابد.
مرة ودع شقيق البلخي ابراهيمَ بن أدهم للذهاب للتجارة، وبعد ذلك رجع، فاستفسره ابراهيم بن أدهم لما عاد، قال: رأيت عجبا وأنا في طريقي، رأيت طائرا كسيحا، في خربة، فتساءلت كيف يرزق الله هذا الطائر، فإذا بطائر قوي يأتي بالطعام لهذا الطائر، فرجعت لأن الله جاعل من يرزقني، فأجابه : عجبا لك، كيف رضيت لنفسك أن تكون ذلك الطائر الكسيح، ولا تطمح أن تكون ذلك القوي المعين.

الفوائد الثمانية:

سأل شقيق البلخي تلميذه حاتما، منذ متى صحبتني؟ قال: منذ ثلاثة وثلاثين سنة، فقال شقيق: فماذا تعلمت معي هذه الفترة؟ قال: ثماني فوائد. قال أستاذه شقيق: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب عمري معك، ولم تتعلم سوى ثماني مسائل؟
قال التلميذ: لم أتعلم غيرها، ولا أحب أن أكذب، فقال الأستاذ: هات ما عندك.
قال التلميذ: الفائدة لأولى: أني نظرت إلى الخلق، فرأيت كل واحد يحب محبوبا، فإذا ذهب إلى القبر، فارقه محبوبه، فجعلت الحسنات محبوبي، فإذا دخلت القبر دخلت معي.
الفائدة الثانية: أني نظرت إلى قول الله تعالى: "وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى"
فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله.
الفائدة الثالثة: أني نظرت إلى هذا الخلق، فرأيت  كل واحد من الناس يسعى في جمع المزيد من متاع الدنيا، ممسكا له قابضا عليه، فتأملت قوله تعالى: "ما عندكم ينفد وما عند الله باق" 
فبذلت محصولي من الدنيا، ليكون ذخرا لي عند الله تعالى.
الفائدة الرابعة: أني نظرت إلى الخلق، فرأيت كل واحد يتباهى بماله، أو حسبه، أو نسبه، ثم نظرت إلى قول الله تعالى: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" 
فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما.
الفائدة الخامسة: أني نظرت إلى الناس فرأيت بعضهم يذم بعضا، ويغتاب بعضهم بعضا، فوجدت أصل ذلك الحسد في المال والجاه والعلم، فتأمبت في قوله تعالى: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا"
فعلمت أن القسمة كانت من الله تعالى في الأزل، فما حسدت أحدا، ورضيت بقسمة الله.
الفائدة السادسة: إني نظرت إلى الخلق يعادي بعضهم بعضا، ويبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضا، ونظرت إلى قول الله تعالى: "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا" 
فتركت عداوة الخلق، وتفرغت لعداوة الشيطان وحده.
الفائدة السابعة: أني نظرت إلى الخلق فرأيت كل واحد منهم يكابد نفسه ويُذلها، في طلب رزق، حتى إنه قد يدخل فيما لا يحل له، ونظرت إلى قول الله عز وجل: "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها"
 فعلمت أن رزقي على الله، وقد ضمنه، فاشتغلت بعبادته، وقطعت طمعي عمن سواه.
الفائدة الثامنة: أني نظرت إلى الخلق، فرأيت كل مخلوق منهم، متوكل على مخلوق مثله، هذا على ماله وهذا على صحته، وذاك على مركزه، ونظرت إلى قول الله تعالى: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا"
فتوكلت على الله تعالى فهو حسبي ونعم الوكيل.
فقال شقيق البلخي: بارك الله فيك، وفقك الله تعالى، فإني نظرت في علوم التورات والإنجيل والزبور، والفرقانالعظيم ـ فوجدت جميع أنواع الخير والديانة، وهي تدور على هذه الثمان مسائل، فمن عمل بها كان عاملا بهذه الكتب الأربعة.
المرجع:

إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي

لمزيد الاطلاع:

وقفة مع اسم الله "السلام"
لذة عبادة المناجاة
أسرار عبادة الشكر
هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات