وقفة مع اسم الله السلام:
ـ معنى اسم
الله "السلام"
ـ اسم "السلام"
في القرآن الكريم
ـ اسم "السلام"
في عبادة الصلاة
ـ ما هو واجب
المؤمن تجاه اسم "السلام"
ـ ما حق
العبد المتصف بالسلام
ـ معنى
السلام الداخلي
كيف أحقق
السلام الداخلي؟
من معاني اسم السلام:
السلام في اللغة مصدر، وهو اسم مشتق من سلِم، ويأتي بمعنى
الأمان، المنافي للاضطراب، وهو اسم من أسماء الله الحسنى. قال عز وجل: "هو
الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار
المتكبر سبحان الله عما يشركون" سورة الحشر23.
يدور معنى
اسم السلام حول معنيين اثنين: السلم بمعنى الأمن والأمان، والثاني يفيد السلامة من
العيوب والنقائص في ذاته سبحانه، وصفاته، وقدره وشرعه، بل شرعُه كله حكمة ورحمة
ومصلحة وعدل. يقول أبو حامد الغزالي في كتابه المقصد الأسنى في شرح أسماء الله
الحسنى: "هو الذي تسلم ذاته عن العيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر، حتى
إذا كان كذلك لم يكن في الوجود سلامة، إلا وكانت معزية إليه، صادرة منه، وأفعال
الله تعالى سالمة عن الشر المطلق المراد لذاته، لا لخير حاصل في ضمنه أعظم
منه".
اسم السلام في القرآن الكريم:
ـ هو تحية
أهل الجنة، قال تعالى: "دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم
أن الحمد لله" يونس 10. كما أنه تحية الإسلام، قال الإمام النووي في شرحه:
"السلام عليك، ومعناه اسم الله عليك، أي أنت في حفظه".
ـ سلم سبحانه
وتعالى على خلقه في الجنة: "تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا
كريما" الأحزاب 44.
ـ سلم على
أنبيائه ورسله سبحانه: "وسلام على عباده الذين اصطفى"النمل 59،
"سلام على نوح في العالمين"الصافات79، "سلام على إبراهيم"الصافات109،
"سلام على موسى وهارون"الصافات120، "والسلام علي يوم ولدت ويوم
أموت ويوم أبعث حيا"مريم33.
وأكمل سلام
قوله تعالى: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا
عليه وسلموا تسليما"الأحزاب56.
ـ جعل الله
عز وجل إقراء السلام علامة للإيمان في قوله سبحانه: "لا تقولوا لمن ألقى
إليكم السلام لست مؤمنا"النساء94.
اسم السلام في عبادة الصلاة:
ـ تختم ولا
تصح إلا بالتسليم، فهو ركن من أركانها.
ـ لا تكتمل
الصلاة إلا بالسلام على النبي وعلى آله وصحبه وعباده الصالحين ، وذلك في التشهد
الأول والأخير.
ـ اسم السلام
حاضر أيضا بعد التسليم، فمن الأذكار المستحبة بعد إتمام الصلاة: " اللهم أنت
السلام ومنك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام".
ما هو واجب المؤمن تجاه اسم "السلام"؟
الواجب معرفة اسم السلام فهما، واعتقادا بمعناه، ثم
تأثرا وتخلقا به وتمثلا. حق علينا أن نتمثل هذا الاسم كما غيره من أسماء الله
الحسنى، ونأخذ منه نصيبا، ما استطعنا إلى ذلك سبيلا. فلتكن علاقتنا باسم السلام أن
نعمل على أن نسلم من المخالفات، ونبرأ ما أمكننا من العيوب ظاهرا وباطنا، فالسليم
من برئ قلبُه من الشرك والنفاق، والرياء، وبرئت أخلاقه من كل الصفات الذميمة
كالحقد والحسد وغيرهما من أمراض القلب.
فالمسلم الحق
هو الذي لا يصدر منه إيذاء لغيره، بل هو الذي يشيع الأمن حوله، والسلم والسلام،
قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده". وقد
صح في الحديث أن امرأة صوامة قوامة تؤذي جيرانها، فكانت من أهل النار، وأخرى دونها
فشهد لها صلى الله عليه وسلم بأنها من أهل الجنة
ما حق العبد المحقق لمعنى السلام؟
إذا علمنا أن الجزاء من جنس العمل، فإن تمثل المؤمن لاسم
السلام، محاولا جهده في أن يسلم من العيوب
والنقائص، فحق على الله أن يسلمه، ينيله من خيرات الدنيا، ويدخله دار السلام في الأخرى. يقول عز من قائل:
" يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام"، من اتبع سبحانه فهو في سلام
مع جهات ثلاث: أولاها في سلام مع الله، وثانيها في سلام مع كل من يحيط به، وقبل
ذلك في سلام مع النفس. فما معنى السلام النفسي؟ وما السبيل إلى تحقيقه؟
مفهوم السلام الداخلي:
السلام قبل أن يشكل مطلبا عالميا واجتماعيا فهو مطلب
نفسي، وجب البدء بتحقيقه مع الذات أولا. والسلام
الداخلي هو ذلك الاطمئنان الذي يغمرك بالرغم من كل الظروف الخارجية التي تحيط بك،
فهو حالة من الهدوء والسكينة.
ما السبيل إلى الشعور
بالسلام الداخلي؟
من المعلوم أن الإنسان يولد بفطرة سليمة
أساسها الحب المشع بالسلام، لكن عندما يتعرض لمشاعر سلبية نتيجة لمواقف معينة،
تبدأ علامات القلق والتوتر، ومع الإيقاع السريع للحياة، أصبح المطمح الأساس،
الحصول على قدر من السكينة، والطمأنينة.فكيف السبيل بالعودة قدر المستطاع، إلى ما
فُطِرنا عليه من سلم وأمن وأمان؟
ـ مما وجب
إدراكه ابتداءً، هو أننا لا نبحث عن السلام الداخلي، خارج أنفسنا، بل إنه نابع من
ذاتنا: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، هذه هي
القناعة الأولى، السلام وراحة البال غير مرتبطة بمادة، ولا بتحقيق رغبة أو شهوة،
ولكنها قناعة داخلية أساسها الرضا في كل الأحوال.
ـ إحياء
عبادات قلبية، واستحضار لذتها مثل الشكر والامتنان، وعبادتي التفكر والمناجاة،
إضافة إلى الابتهال والدعاء.
ـ لزوم
العبادات والأذكار، فكل ذلك يمنحك التأمل والاسترخاء، ويفصلك عن أي مشاكل لاستعادة
الهدوء والتوازن النفسي.
ـ التخلص من
وطأة الماضي، والمستقبل، فلا يمكن لأي قدْر من الندم أن يغير ما مضى، ولا يمكن لأي
قدْر من القلق أن يغير المستقبل. ومحاولة تقدير الوقت الحاضر. فأصل فقدان السلم
الداخلي أمران: ندم على الماضي، نصحبه معنا، لا لشيء إلا ليثقل كاهلنا، وخوف وقلق
نعيش فيه ليفسد علينا حاضرنا وما حبانا سبحانه فيه من نعم.
ـ التوقف عن
محاولة التحكم في أشياء لا يمكن بأي حال تغييرها، مع التركيز على ما يمكن تطويره،
ـ من وسائل
تحقيق السلام الداخلي أيضا النشاط البدني كممارسة الرياضة، فالحركة تؤدي لإفراز
هرمون يرفع من الحالة المزاجية.
ـ الاستماع
لأصوات الطبيعة كصوت أمواج البحر، والعصافير، والتأمل فيما خلقه الله من طبيعة
وخضرة. الأمر الذي يعتبر محفزا للحس الرقيق، المنافي للغلطة، ذلك الحس الشفاف الذي
يمنحنا الكثير من المشاعر الإنسانية، الباعثة على التحلي بقيم وسلوكيات ديننا الحنيف.
ختامــا:
لننعم بالسلم
والسلام لا بد من أن نأخذ من اسم الله السلام بنصيب، أي أن نتجنب عيوب الجوارح كما
العيوب القلبية، فلن يوصف بالسلام إلا من سلم المسلمون من لسانه ويده. فإذا اتبعنا
سبيله هدانا سبحانه سبل السلام، ومنحنا سلامة النفس في الأولى، وسلامة الأخرى.
تعليقات
إرسال تعليق