الصفحات

القائمة الرئيسية

رحلة عالم الرياضيات جيفري لانج من الإلحاد إلى الإسلام

 

رحلة عالم الرياضيات جيفري لانج من الإلحاد إلى الإسلام

رحلة عالم الرياضيات جيفري لانج من الإلحاد إلى الإسلام:

ولد جيفري لانج عام 1954م ترعرع في عائلة كاثوليكية، التحق بمدرسة كاثوليكية من الصف الأول إلى نهاية المرحلة الثانوية، أمه كانت متدينة للغاية، والده كان مدمنا على الكحول، وكان شديد العنف تجاه أمه أيضا.

عندما بلغ السادسة عشر تكونت لديه شكوك حول وجود الله، "لماذا يترك الله وهو الإله المحب أمي تتعذب، ما الذي اقترفته لتستحق ذلك؟ لماذا يخلق العنف والمعاناة في هذا العالم؟ إنها أسئلة طبيعية خصوصا عندما تواجهها يوميا، الأسئلة حول وجود الله دخلت مبكرة في حياتي".

انتقل جيفري لانج من الإلحاد إلى الإسلام، وقد كان قبل إلحاده يدين بالنصرانية، يحكي جيفري لانج قصة اعتناقه للإسلام، بأنه كان يألف ترك باب مكتبه بجامعة سانفرانسيسكو بالولايات المتحدة الأمريكية، مفتوحا، فكان الطلاب معتادون ترك كتب له على طاولة المكتب، وفي أحد الأيام دخل فوجد ، كتابا أخضر، كان الأمر مألوفا لديه، فلما ألقى نظرة على غلافه، وجد مكتوبا عليه: "معاني القرآن الكريم" باللغة الإنجليزية، فتساءل بذهول عمن ترك ذلك الكتاب.

أخذ الكتاب معه إلى بيته ثم وضعه في رف من الرفوف، ولم يفكر في فتحه إلا بعد أن وقعت عيناه عليه ذات يوم، في لحظة لم يجد ما يستحق القراءة لديه، فكل ما وجد حوله من كتب كان قد قرأها على الأقل ـ مرتين كما يحكي عن نفسه ـ، فأخذ الكتاب الأخضر وهو لا يتوقع الكثير منه، على الأرجح سيصيبه الملل، أو سيجعله يستغرق في النوم على أحسن تقدير.

أخذه وهو يظن أن الأمر لن يتعدى أكثر من عشر دقائق، فتح الكتاب كنوع من الفضول على سورة الفاتحة، فوجد السورة تفتتح بتمجيد الإله، كعادة الكتب السماوية، إلا أن المفاجئ هو الشروع في طلب الهداية، فقال بأن المؤلف فطِن  إلى جعل القارئ يطلب الهداية بنفسه، وكان يقدر للكاتب ذكاءه كما قال.

بعدها قرأ "الم ذلك الكتاب لا ريب فيه" فوجد أن الكتاب يخاطبه خطابا مباشرا من الله إلى القارئ، وهو من توقع من كتاب دين أن يخص الحديث عن أساطير قديمة وعن حياة الأنبياء.

بعد تسلسل الآيات وجد أنها تثير أسئلة وتجيب عنها، فكان أسلوب الكتاب عبارة عن حوار بينه وبين هذا الكتاب، وتستمر هذه الدورة من التساؤلات والإجابات دون توقف.

استمر في القراءة منجذبا لأسلوب الكتاب، إلا أنه حتى ذلك الحين لم يأسره الكتاب، إلى أن شرع في الحديث عن بداية الخلق "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" إذن فخلق الإنسان تشريف من الله للبشر وتكريم واصطفاء له، بأن جعله خليفة له في الأرض، فحسب اعتقاد النصارى، كان وجود الإنسان في الأرض عقابا من الله لا تشريفا.

فقالت الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك" فحينما قرأ هذه الآية أُسِر حقا بسؤال الملائكة: لِمَ تخلق غيرنا نحن الذين نستحق الحياة بعبادتك؟ وقد كان ذلك تساؤله الملح منذ طفولته، تساؤل اقتضب الكتاب طرحه في حوالي خمسين كلمة، كان مصدوما بحق، كان السؤال أكثر الأسئلة الوجودية دقة، وأهمية بتاريخ البشر، حيث لا إجابة واضحة عند الملاحدة، فكان متشوقا لكيفية إجابة القرآن عن هذا التساؤل المحوري، الذي لطالما شغل فكره. كان جواب سؤال الملائكة "إني اعلم ما لا تعلمون" ليتوالى بعدها التفصيل في الرد.

أكمل القراءة بحثا عن الجواب المقنع، فتساقطت كل أدلته على عدم وجود الله واحدا تلو الآخر. وحينما انتهى من قراءة القرآن، لم يكن لديه أي رصيد متبقي من الشكوك على وجود الله، أخذ جدار الإلحاد الذي بناه بينه وبين الإيمان بوجود الله يتهاوى لبنة لبنة.

وجد أسلوب القرآن في غاية الروعة ، مميزا للغاية، يبدأ ببسط أساسيات التوحيد ثم الأوامر والنواهي، ليخلص في وسطه إلى قصص الأولين، كل ذلك في سرد جميل، وفي نهايته، يُنهِض القرآن القارئ بخلاصة الرسالة الإلهية، يُنهِض القارئ بمعاني الجمال والقوة والثروة الروحية، أسلوب غاية في الروعة والإتقان، تلاشى معه الإلحاد، ليجد لنفسه ملامح النظرية الكاملة المحكمة المتماسكة.

بعدها عاش لحظات من السلام الداخلي، يذكر مرة كان يقرأ سورة الضحى فأخذ في البكاء مدة عشرين دقيقة، رغم أنه لم يكن حينها يؤمن بوجود الله بعد.

بعد أسابيع من تجربة قراءة القرآن والتفاعل مع معانيه، حاول جاهدا نسيان تلك التجربة، إلا أنه لم يستطع، ولم يجد لذلك عزما، فكر بعدها في الذهاب إلى مسجد الجامعة، فقد تناهى إلى سمعه من قبل، أن الجامعة تتوفر على مسجد صغير، في قبو تحت البناية الشامخة لكنيسة الجامعة. عزم على الذهاب إلى ذلك المسجد، بعد معاناة شديدة الوقع على نفسه، وتردد كبير صعودا ونزولا لباب المسجد، تمكن من ولوجه، والارتباك باد عليه، ليجد نفسه أمام طالبين مسلمين، سألاه بعد استغرابهما من رؤيته داخل المسجد وبعد أن هم هو الآخر بمغادرة المكان، عما إذا كان يرغب في معرفة شيء عن الإسلام، إلا أن ما سمعه من أحدهما عن الإسلام، كان بالنسبة له في غاية الضعف، فقد اخذ يحدثه عن خروج الروح والضرب على الأدبار... ما حداه للرغبة في الخروج من المكان، إلى أن دخل أحد الطلاب من المتزعمين  للدعوة هناك، من بين ما قاله له: "أن الله هو الرحمن يحبنا أكثر من حب الأم لولدها، لا نستطيع فعل شيء إلا بإرادة الله، حين نتنفس، شهيقنا بمشيئته، زفيرنا بمشيئته، حينما نمشي، لا نرفع قدما لنخطو إلا بإرادته، ولا نضعها على الأرض إلا بإذنه، وحينما تسقط ورقة صغيرة من شجرة عالية وهي تتلوى حين سقوطها على الأرض، لا حركة لها حين رحلتها إلى الأرض، إلا بمشيئته، وحينما نصلي لله وتلامس جباهنا الأرض، نشعر بالسلام والطمأنينة والراحة، ليس بالسهل أن أوصل لك كل هذه المشاعر، فعليك أن تجرب لتعلم". حينما كان جفري لانج يستمع إليه وهو يتحدث كان يتمنى تجربة كل هذه المشاعر الجميلة الروحانية ويجرب الإشتياق والنشوة، وكيف يتوق المسلم لربه، فكانت هذه بداية إسلامه.اكتشف بعدها كما يقول الروحانية ولم يعتقد أنه سيعثر عليها، ووجد شفاء وارتقاء في الروح والسكينة.

من قصصه المثيرة كما يحكي، أنه بعد أن أسلم اعتاد الذهاب إلى المسجد لصلوات الصبح والمغرب والعشاء، ولم يكن يعرف العربية، ولكنه كان يحب سماع القرآن، فسأله أحد أصدقائه عن دافع حضوره لهذه الصلوات الثلاث، رغم عدم فهمه لما يُتلى، فكان جوابه بما أن الطفل يركن إلى صوت أمه وهو لا يفقه شيئا من معناه، فكذلك كان يعتقد هو أيضا أن بينه وبين القرآن نسبا كالذي يربط الرضيع بأمه.  

ولنا لقاء إن شاء الله لاحقا، مع شذرات من كتابه "حتى الملائكة تسأل" .   


أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات