القراءة من المصحف الورقي أو الإلكتروني في الصلاة:
خلاصة الموضوع:
لعل القول بجواز القراءة من المصحف
في صلاة النافلة، وكراهة ذلك في صلاة الفرض، هو القول الموافق للأدلة والمقاصد
الشرعية، فالنافلة مبنية على التيسير والتخفيف.
توطئة:
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم،يحرص كثير من المصلين على ختم القرآن في صلاة
التراويح بخاصة، كما في غيرها من النوافل، إلا أن الأمر يتعذر على غير الحافظ لكتاب الله تعالى، لذلك تحدث
الفقهاء عن جواز الاستعانة بالقراءة من المصحف الشريف في الصلاة، بأن يحمل المصلي
المصحف في يده، أو الاستعانة بوضعه على حامل يسهل القراءة منه.
فكان مذهب
المالكية الجواز في القراءة من المصحف، في النافلة دون الفرض، في حين ذهب الشافعية
والحنابلة إلى جواز القراءة في الفرض والنفل ، للإمام والمنفرد، سواء في ذلك
الحافظ وغير الحافظ. في حين ذهب غيرهم من الحنفية والظاهرية، إلى منع القراءة من
المصحف في ذلك كله. وفيما يلي تفصيل هذه الآراء الثلاث مع عرض أدلة كل فريق:
الرأي الأول:
ذهب أبو حنيفة،
إلى أنه لا تجوز القراءة في مصحف، ولا في غيره، إماما كان أو مأموما، في الفرض أو النافلة لا فرق بينهما، وهو ما اختاره
ابن حزم من الظاهرية، واستدلوا بالحجج الآتية:
ـ أن حمل المصحف ووضعه، وتقليب
الأوراق، والنظر فيه عمل كثير مبطل للصلاة.
ـ أن قراءة القرآن بالنظر فيه
عبادة، أُضيفت إلى عبادة أخرى.
ـ أن من لا يحفظ القرآن، غير مكلف
بما ليس في وسعه، لقوله تعالى: "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" فتكلفه
بما سقط عنه باطل.
ـ أن معيار التفضيل في الإمامة
الحفظ للقرآن عن ظهر قلب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "...وليؤمكم أكثركم
قرآنا".
الرأي الثاني:
رأى
الحنابلة والشافعية، جواز القراءة من المصحف، لا فرق بين صلاة الفرض والنافلة، دون
كراهة، بل وجب ذلك على من لا يحفظ الفاتحة، محتجين بما يلي:
ـ ما ورد في صحيح البخاري، عن
عائشة رضي الله عنها "أنها كان يؤمها عبدُها ذكوان ويقرأ من المصحف".
وكان جوابهم على ما استدل به المانعون
من القراءة في المصحف، وهو أن حمل المصحف مع تقليب الأوراق عمل كثير مبطل للصلاة،
بقولهم أما الحمل، فقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم حاملا أمامة بنت أبي العاص
على عاتقه، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، وأما تقليب الأوراق فقد ثبت أن العمل
اليسير، لا يبطل الصلاة، ويمكن أن يستعان في ذلك بوضع المصحف على حامل مرتفع، أمام
نظر المصلي لتخفيف الحركة.
الرأي الثالث:
وذهب المالكية إلى كراهة القراءة من المصحف في
الفرض دون النفل، لأنه يُغتفر في النفل ما لا يُغتفر في الفرض.ولأن القراءة من
المصحف تحقق المقصود لمن لم يكن حافظا، أيضا لما في ذلك من التيسير ورفع الحرج،
على من قد لا يجدون حافظا يؤمهم، في المساجد أو البيوت.
خلاصة:
ولعل
القول الثالث، وهو ما ذهب إليه المالكية، أي جواز القراءة من المصحف في صلاة
النافلة، وكراهة ذلك في صلاة الفرض، هو القول الموافق للأدلة والمقاصد الشرعية.
فالنفل مبني على التخفيف والتيسير،
أما الفريضة فالأولى عدم القراءة من المصحف، لكي لا يفرط الناس في الحفظ ،الذي هو
من شروط الإمامة المعتبرة، إلا لمن تعذر عليه حفظ الفاتحة،لا فرق في الحكم بين
مصحف ورقي أو إليكتروني، فقد قرأ الناس من الرقاع واللوح، ثم من المصحف الورقي ،وبعدها
تظور الوضع إلى القراءة من المصحف الإلكتروني، إلا أنه وجب التنبيه على غلق بيانات
الهاتف أثناء القراءة منه، كي لا ينشغل بالرسائل والإشعارات عن الصلاة.
المراجع:
ـ الذخيرة للقرافي
ـ بدائع الصنائع للكاساني
ـ المبسوط للسرخسي
ـ المغني لابن قدامة
لمزيد من الاطلاع :
تعليقات
إرسال تعليق