الصفحات

القائمة الرئيسية

اشتراط الولي لصحة عقد الزواج

اشتراط الولي لصحة عقد الزواج

توطئة:

         اختلف الفقهاء في موضوع اشتراط الولاية لصحة عقد الزواج، هل تعتبر شرط صحة في العقد، أم أنها شرط كمال، وهل يمكن الزواج بدون ولي؟ وقد أثار هذا الموضوع ولا يزال نقاشا حادا خلال مناقشة مشروع مدونة الأسرة، وبعد إصدارها، وهو موضوع لا زال يثير جدلا في كثير من الدول الإسلامية، التي هي بصدد إصدار قوانين جديدة خاصة بالأسرة، فما مفهوم الولاية؟ وعلى ماذا اعتمد المشرع المغربي فيما ذهب إليه.

تعريف الولاية:

الولاية لغة :هي مصدر ولِيَ، والولي كل من ولِيَ أمرا أو قام به، وهو النصير والحليف،: "إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا".
أما اصطلاحا: الولاية هي القدرة على إنشاء العقد نافذا، والولاية قد تكون على النفس أو المال.

الولاية في الفقه الإسلامي:

اختلف الفقهاء في اعتبار الولاية ركنا من أركان الزواج، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:
ــــــ الرأي الأول: اعتبر جمهور الفقهاء ــ أي  المالكية والشافعية والحنابلةــ  الولاية ركنا في عقد الزواج، ولا يمكن للمرأة أن تزوج نفسها ولا غيرها، ولا توكل غير وليها، حيث يزوجها وليها دون غيره، كيفما كانت وضعيتها، بكرا كانت أم ثيبا، صغيرة أم كبيرة، وإن كان لا بد من رضاها.
يقول ابن عاصم في منظومته:    المهر والصيغة والزوجانِ  \\   ثم الولي جملة الأركان
وكذلك قال الشيخ خليل في مختصره: "وركنه ولي وصداق ومحل صيغة".
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: "فإذا بلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن"، وهو خطاب للأولياء، ولو لم يكن لهم حق في الولاية لما نُهُوا عن العضل، كذلك قوله عز وجل: "ولا تُنكِحوا المشركين حتى يؤمنوا".
أما دليلهم من السنة فقد احتجوا بقوله ^: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، ولا تزوج المرأة نفسها" وحديث: "لا تزوج المرأةُ المرأةَ، ولا تزوج نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها"، وعن عائشة رضي الله عنها: "لا نكاح بدون ولي وشاهدَي عدل، وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل".
        ــــ الرأي الثاني: قال به أبو حنيفة وتلميذه أبو يوسف، حيث أجازا للمرأة تزويج نفسها وغيرها، وأن تنشئ عقد الزواج دون إشراك وليها في ذلك، لأن الولاية للندب والاستحباب، فيرى الحنفية أن حديث: "لا نكاح إلا بولي" أن النفي يتوجه إلى الكمال، أي لا نكاح كاملاُ إلا بولي.
كما استدل أصحاب هذا الرأي بقول الرسول ^ : "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صُماتها". فالولاية بالنسبة لهم ليست ركنا لانعقاد النكاح، بل هو صحيح ولو انعقد بدون ولي.
ويذهب البعض إلى أن البكر لا يزوجها إلا الولي، أما الثيب فتولي أمرها من شاءت من المسلمين، وليس للولي في ذلك اعتراض.

الولاية في مدونة الأسرة:

أخذ المشرع المغربي في مدونة الأحوال الشخصية السابقة، بالمذهب المالكي وهو رأي الجمهور كما رأينا. معتبرا الولاية  ركنا من أركان صحة عقد الزواج، سواء كانت بكرا أم ثيبا قاصراً أم رشيدة. لأن الزواج عقد عظيم، وتترتب عنه آثار جليلة، فالمصلحة اقتضت الحذر فيه، وحضور الولي يضفي على الزواج نوعا من الأمان والاهتمام، وإعطاء صورة قوية للزوجة، وحتى لا تنساق بسرعة أو تتأثر ويتم خداعها.
وتناولت مدونة الأسرة الحالية، مسألة الولاية في عقد الزواج في المادة 24 : "الولاية حق للمرأة، تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها"، وفي المادة 25: "للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها، أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها".
يلاحظ أن الولاية في التشريع المغربي، أصبحت حقا للمرأة الرشيدة، تمارسه حسب اختيارها ومصلحتها، فلها أن تتولى تزويج نفسها أو أن تختار من يتولى أمر زواجها، أما القاصر التي لم تصل إلى سن الزواج الذي هو ثماني عشرة سنة، فتخضع لمقتضيات أخرى حددتها المادة 20 من مدونة الأسرة.
         إن المشرع المغربي ترك الاختيار للمرأة في ممارسة الولاية، بحيث تمكنها لأبيها ولمن شاءت من أقاربها، كما يمكنها أن تعقد أن تعقد على نفسها، واعتمد في ذلك على الأساس الفقهي، القائل بإمكانية زواج الرشيدة بنفسها، ترجيحا لرواية ابن القاسم عن مالك رضي الله عنه، كماجاء في بداية المجتهد: "إن اشتراط الولاية سنة لا فرض"، وأخذا بالمذهب الحنفي، الذي أعطى الحق للمرأة العاقلة البالغة في مباشرة العقد لنفسها، بكرا كانت أم ثيبا. يقول ابن رشد: "قال أبو حنيفة وزفر والشعبي والزهري، إذا عقدت المرأة نكاحها بغير ولي وكان كفؤاً لها جاز.


هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات