الصفحات

القائمة الرئيسية

الوفاء بالنذر وكفارة العاجز عنه

الوفاء بالنذر وكفارة العاجز عنه

الوفاء بالنذر وكفارة العاجز عنه:

تعريف النذر:

النذر في اللغة الإلتزام ، جمعه نذور ونُذُر، من نَذَر وأنذر.  وفي الاصطلاح الشرعي، هو إلزام المسلم لنفسه بقربة غير لازمة في أصل الشرع، فيجعلها واجبة عليه تبرعا، بلفظ يشعر بذلك التعهد، تقربا إلى الله وشكرا. مثاله: (لله علي صيام ثلاثة أيام)، أو قولهم: (إن نجح فلان تصدقت بمبلغ كذا).

مشروعية النذر من القرآن والسنة:

يقول سبحانه وتعالى: "وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" الحج:29, وقال عز وجل: "يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا" الإنسان:7، " ما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه" البقرة:270.
وجاء في السنة النبوية قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم : "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
كما أجمع الفقهاء على صحة النذر ووجوب الوفاء به. والوفاء بالنذور الإتيان بها على الوجه الذي التزم بها الشخص على قدر الاستطاعة.

أركان النذر:

أركان النذر ثلاثة: الشخص الملتزِم، والشيء الملتزَم به وهو القربة، والصيغة.

أقسام  النذر:

 النذر إما أن يكون معلقا بشرط وهو النذر المقيد، وإما مطلقا غير معلق بأي شرط. فالأول كقول الناذِر: إن نجحت في كذا فلله علي صيام أو صدقة، فيعلق فعل الطاعة على تحقق شرط النجاح.
أما النذر المطلق الذي لا تعليق فيه، فكقول الناذر: لله علي صيام ثلاثة أيام مثلا، دون أن يعلق الصيام بتحقق أمنية ما.

حكم النذر:

يعتبر النذر عند الفقهاء جائزا، بل مستحبا من فضائل الأعمال عند المالكية، إن كان النذر غير معلق بشرط ،وغير مكرر، كمن قال: لله علي نذر أن أقدم مساعدة مالية لفلان، فالناذر إنما ألزم نفسه بقربة من القربات كالصدقة أو الصيام، لكيلا يتراجع عن القيام بها، من غير أن يعلق النذر على تحقق شيء، ودون أن يجعله مكررا.
معنى ذلك أن النذر المعلق مكروه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنه لا يرد من القدر شيئا وإنما يستخرج به من الشحيح"، وفي رواية أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنه لا يأتي بخير وإنما يُستخرج به من البخيل".
 وكذلك النذر المكرر مكروه، لأنه يوقع الإنسان في حرج، فقد يشق على الناذر الوفاء به ، مثال الأول قول الناذر: إن شفيت فلله علي صدقة أو صيام، ومثال النذر المكرر كأن ينذر صيام أيام في كل شهر أو إخراج مبلغ في كل يوم أو غير ذلك.
والوفاء بالنذر واجب إذا صدر من البالغ العاقل المختار، سواء كان معلقا بشرط أو غير معلق، وسواء كان مكررا أو غير مكرر،  لأن الناذر أوجبه على نفسه، لقوله سبحانه: "وليوفوا نذورهم"، وقوله تعالى: "يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا".

حكمة لزوم النذر:

والمقصد من وجوب الالتزام بالنذر، التأدب مع الله سبحانه بالوفاء بما الزم نفسه من طاعة.

العجز عن الوفاء بالنذر:

إذا نذر شخص فعل طاعة ما، فعجز عن إتيانها، سقط عنه ما عجز عنه، وأتى بما استطاع منه، على أن يتم متى ما قدر على ذلك.

ما لا يلزم من النذر:

لا ينعقد النذر، ولا يلزم الوفاء به إلا إذا كان قربة، يُتقرب بها إلى الله عز وجل، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه أبو داود: "لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله". بحيث لا يلزم نذر معصية، حراما كانت أم مكروها، كمن نذر أن يترك صلاة، أو أن يقطع رحما، فلا كفارة على من ترك نذر فعل محرم أو مكروه، على قول أكثر الفقهاء، ومنهم المالكية، مستدلين بما رواه البخاري  عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه رأى رجلا قائما في الشمس، فقال: "ما بال هذا؟" قالوا: نذر أن لا يتكلم ولا يستظل، ولا يجلس، ولا يصوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مروه فليتكلم وليستظل، وليجلس، وليتم صيامه" فلم يأمره صلى الله عليه وسلم بكفارة، بعد أن أمره أن يتم ما كان لله طاعة.

كفارة عدم الوفاء بالنذر:

إذا لم يف الناذر بنذره أي رجع عنه، كان كمن حنث في يمينه، فتجب عليه كفارة اليمين، لما أخرجه مسلم من حديث عقبة بن عامر، أنه عليه الصلاة والسلام قال: "كفارة النذر كفارة يمين".
وكفارة اليمين هي: التخيير بين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإذا عجز عنها، فإنه ينتقل بعد ذلك لصيام ثلاثة أيام، كما جاء في سورة المائدة الآية 89: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون".

النذر بالذبح لغير الله:

النذر عبادة والعبادة لا تكون إلا لله تعالى، ومن عبد غيره فقد أشرك، فلا يجوز نذر الذبح لقبر أو ضريح ولي، لأن الذبح عبادة مختصة لله، حيث قال سبحانه: "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له" الأنعام: 162-163. كما ثبت في الصحيحين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله من ذبح لغير الله".

المراجع:
بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد
الفقه المالكي وأدلته الحبيب بن طاهر
فقه السنة لسيد سابق

مقترحات من مدونة "فقه المرأة":

هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات