الصفحات

القائمة الرئيسية

أحكام دم الحيض

أحكام دم الحيض:

        مقدمــــــــــــــــــة:

مما يجب على المرأة تعلمه، أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة، لما يترتب عليها من الأحكام، كالطهارة والصلاة، وقراءة القرآن والصوم والاعتكاف، والحج والبلوغ والوطء والطلاق والعدة والاستبراء، وغير ذلك.
إن العلم بأحكام هذا الباب من أعظم الواجبات، لأن عظم منزلة العلم بالشيء بحسب منزلة ضرر الجهل به.

صعوبة دراسة باب دماء النساء:

ونظرا لما لدماء المرأة من الأهمية عند الفقهاء، فقد درجوا على تخصيص كتاب لها، وأطلقوا عليه كتاب الحيض، ويشمل الدماء الثلاث، وهو من الأبواب العويصة، قال أبو بكر بن العربي رحمه الله: "وكتاب الحيض معضل في الفقه" المسالك في شرح موطأ مالك 2/255.

أسباب صعوبة دراسة مسائل دماء النساء:

         ـــ كونه مما يختص به النساء.
         ــ ندرة الأدلة الشرعية في غالبية مسائل دم الحيض.
         ــ اضطراب الهرمونات، خاصة مع تناول المرأة لموانع الحمل، مما قد يسبب اضطرابا في عادتها، يصعب أحيانا ردها لكلام أهل العلم.
         ـــ قلة الكتب الطبية المتخصصة في ذلك، والتي يستعين بها الفقيه على فهم طبيعة الحيض، وتنزيل الأحكام الشرعية بناءً على فهمها.

         الحيض وأحكامه:

ـــ تعريف الحيض :

الحيض لغة مصدر حاض وهو السيلان، ويقال للمرأة: حائض أو حائضة، والجمع حُيض.
والحيض شرعا كما عرفه الإمام ابن جزي الغرناطي بقوله: "هو الدم الخارج من فرج المرأة، التي يمكن حملها عادة، من غير ولادة ولا مرض ولا زيادة على الأمد" (القوانين الفقهية ص31).
والحيض في علم الطب، هو تمزق الأوعية الدموية في جدار الرحم السميك، بعد نزول البويضة فيه، لغياب عملية الحمل، والتي تطرح إلى الخارج عن طريق المهبل، وتستمر حتى يعود الرحم لحجمه الطبيعي.

ــ صفة الحيض:

أ ـــ الدم ،وهو الأصل، يكون إما أسود أو أحمر، ثخينا وكريه الرائحة.
ب ــــ الصفرة ، وهي سائل كالصديد الأصفر .
ج ــــ الكدرة، شيء كدر، بين لوني البياض والسواد، وهو كالماء الوسخ الكدر.
والكدرة والصفرة حيض في أيام الحيض. واستدل الفقهاء على اعتبار الكدرة والصفرة من ألوان الدماء، بما رواه الإمام البخاري عن عائشة رضي الله عنها، أنها كانت تقول للنساء حين يسألنها: "لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء"، وهي ماء أبيض يخرج بعد الطهر من الحيض.
لكن الإمام البخاري روى أيضا أن الصحابية أم عطية الأنصارية قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا"، في باب سماه: "باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض".
بينما ذهب أبو يوسف من الحنفية، إلى أن الكدرة والصفرة لا تعتبر حيضا، إلا إذا تقدمت عليهما ألوان الدماء الأخرى الحمراء والسوداء.
وتتراوح ألوان الدماء في رأي الطب، من الألوان الفاتحة كالبني الفاتح، إلى البني الغامق، إلى اللون الأحمر، تبعا لكمية الدم، والبطانة التي انسلخت من تجويف الرحم، وما يختلط معها من كريات دم بيضاء وحمراء.

ــ أقل سن تحيض فيه المرأة:

يرى كثير من العلماء أن وقته لا يبدأ قبل بلوغ الأنثى تسع سنوات قمرية. فإذا رأت الدم قبل بلوغ هذا السن، لا يعتبر دم حيض بل هو دم علة.

أكثر سن تحيض فيه المرأة:

ذهب بعض الفقهاء إلى أن الحيض قد يمتد إلى آخر العمر، ولم يأت دليل على أن له غاية ينتهي إليها، وفي المذهب المالكي سبعون سنة، وما بين الخمسين والسبعين راجع للنساء، ذكر القرافي في الذخيرة (1/384): "يأسها وهي بنت سبعين، ولا يُحتاج إلى سؤال النساء، ويُسأل النساء في بنت الخمسين إلى السبعين، فإن قطعن بأنه حيض أو شككن فيه فحيض، لإمكان حملها عادة، فإن قطعن بأنه ليس بحيض فلا".

أقل مدة الحيض:

أقل الحيض بالنسبة للعبادة دفقة واحدة، فيجب على المرأة منها الغسل، ويبطل صومها وتقضي ذلك اليوم، وليس بحيض تلوث الفرج بلا دفق.
أما بالنسبة للعدة والاستبراء فلا تعد الدفقة الواحدة حيضا، ولا يسمى حيضا إلا ما استمر يوما أو بعض يوم له بال، والدليل على هذا ما نقل عن القرافي أنه الاستحسان، وأخذا بالاحتياط لبراءة الأرحام وصيانة الأنساب(الذخيرة 1/373). ولم يرد في هذا حديث، وإنما استند الفقهاء على استقراء وتتبع حالات النساء.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن أقله يوم وليلة، فيما ذهب الحنفية إلى أن أقله ثلاثة أيام بلياليها.

أكثر أيام الحيض:

يختلف باختلاف أنواع النساء ما بين مبتدأة ومعتادة.
فأما المبتدأة وهي التي جرى عليها الدم لأول مرة، فأكثره إن استمر بها الدم خمسة عشر يوما، وما زاد فهو دم علة، فتصوم وتصلي و يعاشرها زوجها. ويحتج بعضهم لهذا بالحديث: "تمكث إحداكن شطر دهرها لا تصلي".
وأكثر الحيض عند الحنفية عشرة أيام وما زاد عن العشر اعتبر استحاضة لا حيض.
أما المعتادة أي التي لها عادة فتزيد ثلاثة أيام على عادتها، فإن اعتادت خمسة أيام ثم تمادى حيضها، أي استمر نزول الدم بعد فترة العادة، فإن المرأة في هذه الحالة تستظهر بثلاثة أيام، أي تزيد ثلاثة أيام على عادتها، وما زاد على الثلاث فهو دم علة، ما لم تصل المدة إلى خمسة عشر يوما، فلا استظهار حينئذ لأنها أكثر الحيض كما ورد في المدونة.
والمعتمد أن المرأة بعد الاستظهار تغتسل وجوبا، وتصلي وتصوم. والاستظهار الذي قال به مالك، انفرد به وأصحابه رحمهم الله، وخالفهم في ذلك من المالكية ابن عبد البر .
أما رأي الطب في مدة الحيض، فتتراوح مدته من يوم إلى ثمانية أيام، وهو حيض أغلب النساء.

أقل الطهر (أو مدة الطهر بين الحيضتين):

           أقل أيام الطهر خمسة عشر يوما، وذهب فريق من الفقهاء إلى أنه ثلاثة عشر يوما، والحق أنه لم يأت دليل في تقدير أقله دليل ينهض للاحتجاج به. قال ابن رشد: "وأما أقل الطهر فاضطربت فيه الروايات عن مالك، فروي عنه عشرة أيام، وروي عنه أيضا ثمانية أيام، وروي خمسة عشر يوما" بداية المجتهد ص36.

ــ تقطع الحيض:

إن تقطع حيض المرأة، بأن أتاها وانقطع بعد يوم أو يومين أو أكثر، ثم عاد ونزل، فهل للنقاء المتخلل بين الدمين حكم الحيض أم تعتبر المرأة فيه طاهرة؟
في المذهب المالكي تعتبر المرأة إذا أتاها دم، ثم انقطع، ثم نزل دم آخر، فإن كان بين الدمين طهر تام، فإنها تجمع أيام الدم بعضها ببعض، وتلغي أيام الطهر، وتغتسل لكل طهر، فإذا اجتمع لها من أيام الدم خمسة عشر يوما، فبعدها تكون مستحاضة، وبهذا قال الشافعي، هذا بالنسبة للمبتدأة، أما المعتادة فتلفق أيام عادتها وأيام الاسظهار، وما نزل بعد ذلك فهو دم استحاضة.

           ــ حيض الحامل:

       رأي المالكية والشافعية:
ذهب المالكية والشافعية إلى أن الدم الذي تراه الحامل يعتبر حيضا، لقول عائشة رضي الله عنها، بأن المرأة الحامل ترى الدم أنها تدع الصلاة (الموطأ 67). أما ما قيل من أن الحيض دليل على براءة الرحم، فهو على سبيل الغالب، وحيض الحامل هو النادر.
رأي الجنفية:
وذهب أبو حنيفة إلى أن الحامل لا تحيض، وما تراه من دم فهو دم علة. ودليلهم ما ورد في الأثر أن الله رفع الحيض عن الحبلى، وجعل الدم رزقا للولد. وأقوى حججهم أن استبراء الرحم اعتبر بالمحيض، لتحقق براءة الرحم من الحمل، فلو كانت الحامل تحيض لم تتم البراءة بالحيض. (بداية المجتهد مسألة حيض الحامل1/46).
         ــــ رأي الطب في حيض الحامل:
أما الرأي الطبي في حيض الحامل، فالأصل أنها لا تحيض، حيث يحصل الطمث بشكل طبيعي عند المرأة غير الحامل، بانسلاخ بطانة الرحم، ومن ثمة تنقذف إلى الخارج، وتقذف معها البويضة غير الملقحة. ولو حاضت الحامل، لانتهى حملها بسبب انقذاف البويضة الملقحة، إلى خارج الرحم مع بطانته المنسلخة، ولذلك فإن الله تعالى يجهز المرأة أثناء الحمل، بهرمون خاص يمنع حدوث الطمث.
طبيا ما تعاني منه بعض الحوامل من نزيف أثناء الحمل، إنما هو حالة مرضية تستدعي العلاج، ولا يمكن أن تكون تلك الدماء دماء طمث.
لكن بعض الأطباء يرون إمكانية حيض الحامل، في حالة ما إذا كانت ترى نفس أوصاف الحيض التي كانت تراها سابقا، وذلك في كل شهر من أشهر الحمل، وهذا أمر نادر الحدوث، أما عدا ذلك فدم علة أي استحاضة.

ــ علامة الطهر:

تعرف المرأة نهاية حيضها بإحدى العلامتين:
أ ــ نزول القصة البيضاء، وهي ماء أبيض، والقصة البيضاء أبلغ وأدل على الطهر.
ب  ــ الجفوف وهو الخلو من أثر الدم، ولا يضر بلل رطوبة الفرج.
والكدرة والصفرة ، كما ذُكر في وقت الحيض يعتبران حيضا، وإن نزلا في غير وقت الحيض، فلا يعتبران كذلك، والدليل حديث أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئا" صحيح البخاري كتاب الحيض.

المراجــع:
الموطأ للإمام مالك بن أنس
بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد 
الذخيرة للقرافي

مشاركات أخرى من "فقه المرأة":
أحكام دم النفاس
أحكام سجود السهو
أحكام سجود التلاوة
إمامة المرأة للنساء في الصلاة



هل اعجبك الموضوع :
مدونة تعليمية تربوية، تعنى بالأحكام الفقهية الخاصة بالمرأة، وكل ما يتعلق بها من ثقافة ومعرفة

تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    على بركة الله وعونه سبحانه

    ردحذف
  2. شكرا على هذه المعلومات القيمة

    ردحذف

إرسال تعليق